مقالات

محمد سيد احمد الجكومي يكتب: الى الازهري في عليائه

محمد سيداحمد سرالختم الجكومي يكتب
الى الازهري في عليائه

أَنا لَستُ أَدْري هَلْ سَتُذْكَرُ قِصَّتي.. أَمْ سَوْفَ يَعْرُوها دُجَى النِّسْيانِ؟
كُلُّ الَّذي أَدْرِيهِ أَنَّ تَجَرُّعي.. كَأْسَ الْمَذَلَّةِ لَيْسَ في إِمْكاني
لَوْ لَمْ أَكُنْ في ثَوْرَتي مُتَطَلِّباً.. غَيْرَ الضِّياءِ لأُمَّتي لَكَفاني
أَهْوَى الْحَياةَ كَريمَةً لا قَيْدَ لا.. إِرْهابَ لا اْسْتِخْفافَ بِالإنْسانِ
فَإذا سَقَطْتُ سَقَطْتُ أَحْمِلُ عِزَّتي.. يَغْلي دَمُ الأَحْرارِ في شِرياني

اكتب إليك ابي ونحن في يوم الاستقلال الذي قلت عنه لقد اتيت لكم باستقلال كصحن الصيني لا فيهو شق ولا طق، الاستقلال الذي حققته مع صُناع الاستقلال في كل بقاع السودان شرقه وغربه شماله وجنوبه، الاستقلال الذي جاءت به ديمقراطيةٍ كاملةِ الدسم، شارك في صناعتها كل السودانيين دونما استثناء، فشكلوا دولة 56 نعم دولة 56 التي كانت وما زالت مصدر فخر السودانيين والسودانيات، ومصدر بغضٍ وكُرهٍ للذين لم يشاركوا في صناعتها، من فاقدي السند الشعبي، من الناكرين لحاكمية الشعب، من المسيئين له، من الاوصياء عليه، من الساقطين في انتخاباته، من ادعياء النضال الكذوب، من اهل اليسار، ومن ادعياء الإسلام والإسلام منهم براء من اهل الحركة الإسلامية.  وكان هؤلاء وأولئك هم سبب أزمة السودان ماضياً و حاضراً ومستقبلاً.
ماذا اقول لك وكل الانقلابات التي قامت في السودان قامت ضد حزبك، من لدن انقلاب عبود حينما علم عبدالله خليل بوحدة الاتحاديين فشق عليه الأمر فعمل انقلابه مع عبود، وبهذا يكون حزب الأمة هو اول من صنع الانقلابات في السودان، وكان انقلاب الشيوعيين وحلفائهم من البعثيين والقوميين العرب في 69 أيضاً هو انقلاباً ضد حزبك الذي حقق الاغلبية المستقرة التي مكنته من حكم البلاد مع حزب الأمة بقيادة الإمام الهادي، وهي فترة النضوج الديمقراطي وتطبيق النظريات في الواقع، بداية بالإصلاح الزراعي، وكادر العمال والموظفين، وبند الإدارة العمومية (بند العطالة)، وتعلية خزان الروصيرص، وزيادة الرقعة الزراعية في مشروع الجزيرة، بقيام امتداد المناقل، وتقوية وتأهيل المشاريع الزراعية في الرهد، الفاو، حلفا، القاش، طوكر، خشم القربة، الشمالية وجبال النوبة، وإدخال الحيوان في الدورة الزراعية، وتنمية الصمغ العربي، وتحسين المراعي في دارفور وكردفان بزيادة الثروة الحيوانية، ومصانع تعليب الفاكهة وتجفيف البصل في الشمالية وشرق السودان، ولا انسى مشاريع النيل الازرق والأبيض، وكان ذلك كله علي يد من تركته فينا خلفاً لك الشهيد الحي الشريف حسين الهندي، لذلك كله لم يتبقى للشيوعيين وحلفائهم أملاُ ومستقبلاً يعيشون من اجله في السودان، فانتجوا انقلاب نميري، الذي انقلب عليهم ونكل بهم بعد ذلك في 71، ثم انقلاب الاسلاميين اسماً لا مضموناُ، وهم سبب النكبة التي نعيشها الآن، وسأحدثك عنها لاحقاُ، جاء كذلك انقلابهم ضد حزبك عندما ابرم السيد/ محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي اتفاقية الميرغني قرنق التي كان من شأنها الحفاظ علي وحدة السودان ووحدة أراضيه، وتقديم الإجابة على السؤال المحوري حول ازمة الهوية وكيفية الحكم، ليضاف للاتحاديين تاريخاً جديداً، فرفض الاتفاقية الصادق المهدي وقبلها مكرهاً اخاك لا بطل بضغط الشارع، واضاف إليها بتوضيحاتها وقال قولته المشهورة الاتحاديين صنعوا الاستقلال فكيف اعطيهم شرفاً آخر بصناعة السلام لذا وقع انقلاب 89 الذي دمر البلد الي يومنا هذا.
دعني بعد ذلك ابي، اب الشهداء، صانع الاستقلال ورافع العلم، اتجاذب معك أطراف الحديث عن تحقيق الاستقلال، ومجاهدة جيلكم العظيم، وعن مقاطعة المجلس الاستشاري لشمال السودان والجمعية التشريعية، والتي قلت عنها (سنقاطعها و لو جاءت مبرأة من كل عيب طالما انها قد قامت في ظل نظام اجمع جميع السوادنيين علي انهاءه وزواله) لنصل الي اطلاقك نداء مال الفداء، وكيفية تدافع السودانيون علي الوفاء لك به حتي صدح الشاعر حسين ود كرجه بقوله
ما شفت نداء الزعيم كيف سرى في شعبه
حسين ود كرجه المن يوموا باين تعبه
نزل من حماره الفد وحيد واتبرعبوا
وكان حسين ود كرجة كما تعلم يعمل حمالاً في عطبرة.
الحديث عن ملاحم الاستقلال يطول و يطول، ولكني دعني اعرج بك الي ما صار اليه حال شعبك اليوم، اتى علينا من يعمل وينادي ويلهث بإزالة دولة 56 تلك الدولة التي صنعتها انت واباءنا المؤسسين، التي جسدت الوحدة الوطنية في اسمى معانيها، كيف لا وانت القادم من كردفان حفيد قنديل، كردفان الشيخ اسماعيل الولي، حيث صنعت الاستقلال، ورفعت العلم واشركت معك ابن النيل الأبيض الاستاذ المحجوب، وما ادراك ما المحجوب في رفع العلم، وقام دبكة ابن دارفور بتقديم مقترح الاستقلال من داخل البرلمان، لتكن التثنية والتزكية من كردفان الغرة ام خير بره وجوه، مشاورة جمعة سهل، وكان السيد علي الميرغني مهندس الاستقلال والذي قلت عنه (لو لا ذلك الأسد الرابض في حلة خوجلي لما تحقق الاستقلال)، وكان كذلك السيد عبدالرحمن المهدي زعيم الأنصار وحزب الامة هؤلاء هم من بنوا دولة 56، الذي يعمل المتمرد حميدتي علي انهائها، كيف لا يعمل على انهاءها هو الغريب عنها، الذي لم يتشرف بالانتماء لهذا الزخم العظيم، ويشاركه في ذلك بعض الموهمين والمتوهمين من ادعياء النضال، وصانعي وهم المركز والهامش، والسودان كله هامش، هؤلاء سيدي الرئيس تارة يتحدثون عن دولة الجلابة ودولة الشريط النيلي، الجلابة الذين تعلم سيدي الرئيس هم صناع الاستقلال، هم معاول بناء نهضة القرى، المدن، الفرقان والحلال التي وفدوا اليها، لم يفدوا اليها قاطعي طريق، ولا نهابين ولا نصابين ولا سارقين، ولا منتهكي عروض ومغتصبي حرائر ومحتلي حواكير، انما كانوا دعاة حق وعدل، ومنارات تهدي في مسالك العلم والمعرفة، والطب والتجارة والصناعة، لذا بنوا المساجد، الخلاوي، المشافي، المدارس، نقاط البوليس وحفروا الآبار، وتسيدوا المجتمعات بحسن خلقهم واخلاقهم، وصنعهم وصنائعهم، وبادلوا اهل كل المناطق التي قدموا إليها بالحب والمودة والانخراط والانصهار الكامل في المجتمعات، بل قدموهم في النيابة عنهم في البرلمانات قدموا محمد احمد النيل في بورتسودان ضد طه بليه مؤسس مؤتمر البجا في 68، وعبد الحكم طيفور رومبيك 68، وعمر الدرديري 68 في احدي دوائر الجنوب، وكذلك وراق محمد احمد شايقي مشلخ في بورتسودان 86، والأستاذ الزين حامد شايقي في كسلا في 86، ويوسف التهامي شايقي مشلخ في ام روابه 86، ومحمد عثمان كروم في الروصيرص 86، والسر عوض يوسف السوكي 86، ومحمد عوض يوسف في قسيان، وحمد حاج الصديق في الكرمك، وعبدالمجيد الامير في ابو جبيهة 86، وغيرهم وغيرهم من ما لا اعرفهم، هؤلاء هم الجلابة المفتري عليهم، وعلي دولتهم التي اسستها انت ورفاقك.

سيدي الرئيس دعك من غُثاء قول هؤلاء فنحن قادرون عليهم

سيدي هل علمت بانفصال الجنوب بواسطة الإسلاميين، الم اقل لك انهم اسوأ من السوء نفسه، لم نفق من صدمة انفصال الجنوب حتي كون البشير الدعم السريع لحمايته الشخصية، فقال حميدتي حمياتي، وشرع له من القوانين، ما جعلته واقعاً معاشاُ حتي نما وكبر، حتي اراد ابتلاع الدولة بتمرده وانقلابه المشئوم في منتصف ابريل الماضي، ففشل الانقلاب وبدأ حربه مع المواطن المغلوب علي أمره، فارتكب مجازراً ما انزل الله بها من سلطان، ارتكب كل الموبقات من قتل وسرقة واغتصاب واحتلال المنازل والمرافق العامة، وتدمير ممنهج للبنية التحتية، حقد من نوع غريب، اصبح المواطنين نازحين ولاجئين، داخل الوطن وخارجه، يعانون الامرين، قالوا عن حربهم ضد الوطن والمواطنين انهم يبحثون عن الديمقراطية، فبحثوا عنها حقيقة في كل ما ذكرت لك سابقاً، اما الادهى والامر، ان ظهيرهم السياسي هم من فاقدي السند الشعبي والسياسي، الذين يجملون له قبح فعله، نقول لهم لا هو ولا انتم لكم مكاناً في السودان بعد انتظام المقاومة الشعبية المسلحة، والتي ستسحق المتمردين واعوانهم.
الحديث معك حديثاً ذا شجون وحتماً سنلتقي في رسالة جديدة بعد الخلاص من المتمردين واعوانهم بإذن الله.
غداً سنعود والأجيال تصغي
إلى وقع الخُطى عند الإياب
مع الأمل المجنح والأغاني
مع النسر المحلق والعَقاب
مع الفجر الضحوك على الصحاري
نعود مع الصباح على العباب
مع الرايات دامية الحواشي
على وهج الأسنة والحراب

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى