# لم يكن اكثر المتشائمين، يتوقع انتهاء شهر العسل بين محمد عبد الله (ابو نمو) وحليفه الاستراتيجي، مبارك عبد الرحمن اردول، المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية الذي اقيل من منصبه مؤخرا بعد ان ظل صامدا فيه لاكثر من ثلاث سنوات، متجاوزا الكثير من العواصف، ومتخطيا للحواجز والمنعرجات الصعبة، الى ان جاءته الطعنة النجلاء من مكامن الثقة.. ولكن كيف.. ؟
# الخبير المالي والاقتصادي الدكتور ابو نمو، وزير المعادن، معروف بالهدوء، والابتعاد عن الاضواء وتجنب الصدام، على الرغم من انه ينتمي لجناح مني اركو مناوي، الشخصية الاكثر مصادمة واثارة للجدل في جدار الدولة ومعارضيها على حد سواء، ظل ابونمو يعمل كرجل (ظل( في وزارة المال والذهب والثروة، ولا يرد اسمه (سمح او شين) الا لماما، بينما يتحمل مبارك اردول الكثير من النصال التي يصدها تارة برماح القبيلة والعنصرية وينحي لها تارة اخرى لكي تعبر، ولكنه نسى تماما انه ليس في كل مرة تسلم الجرة، فقد تجاوز اردول الكثير من المطبات وكان اصعبها واوعرها فضيحة التسريبات التي اتهم بها شريكه في المحادثات نور الدائم سعيد، يومها طعن اردول في رأس الدولة واطلق عبارات لا تجوز في حق القائد العام عبد الفتاح البرهان، ثم عرج بالحديث عن مغامراته النسائية و(جكس الخرطوم) وصحافيات مفاوضات جوبا، اقامت التسريبات الدنيا ولم تقعدها، ولكنها لم تحرك ساكنا في منصب المدير العام الذي سارع هو الآخر للنفي والتزاكي بان ما حدث مجرد ذكاء اصطناعي، الا ان حجته الميتة لم تصمد كثيرا امام سيل الملفات والقصص الرامية لاغتيال الشخصية فكان اردول يعتصم دائما بمشجب المعارضين الناغمين عليه، وعلى انحيازه لحكومة ما بعد 25 اكتوبر وهاهي الايام تثبت بان اردول ليس لديه صليح باتباعه لسياسة حريق المراكب، وهاهو ابونمو يسحب منه الدعم، وهو المعلن عنه رسميا بأنه صاحب التوصية الداعية لاقالة مدير الشركة السودانية للموارد المعدنية.
# نستطيع ان نقول في هذا السرد، ان مبارك اردول ينطبق عليه المثل الشعبي السوداني عن الرجل (الشال يدو طبز بيها عينو)، لانه اختار ان يشغل الوظيفة العامة بماكينة الناشط السياسي، لا رجل الدولة الذي يحسب لكل تحركاته وسكناته وثكناته الف حساب، يغرق شاغل الوظيفة العامة في (شبر مية) يوم ان يقرر التواجد في السوشيال ميديا ومواقع الونسة والثرثرة السياسية غير المنتجة، يومها يتحول الى (تختة) للتصويب والتنشين واستقبال الرصاص من (نشنكات) الناغمين والحاسدين والفاشلين.. وربما بسبب ومن غير سبب.. ثم ينبرئ، حضرته، للاخذ والرد ويكون بذلك قد حقق لخصومه ما يشتهون عندما يخرج لهم عاريا في سهلة القروبات عديمة الضوابط.
# اعود واقول ان اردول ليس المعارض (نمبر ون) ولا هو رجل الدولة الاول الذي تستهدفه قوى الحرية والتغيير في الجناح المناوئ، فما هو الا ترس صغير في ماكينة مليئة بالتروس، ولكن الرجل عرفت عنه (شلاقة غشيمة) مع ميزة (اللسان الخفيف)، لذلك دائما ما يقع في شر اعماله شأنه شأن كل الذين لا يعرفون الاماكن المريحة للجلوس.
# المهم.. واهم من يظن ان قرار الاطاحة باردول قد صدر من رئيس مجلس الوزراء المكلف، او بتوصية من الوزير ابو نمو، هذه مجرد مراسمية عادية تعطي طابق الشرعية والاعتيادية، ولكن حكاية اردول اكبر من الرجلين ومقام التكليف، وبالتأكيد هناك جهات عليا قد سئمت من اصلاح الرجل الذي احرج مسانديه وداعميه في الجناب العالي، واولهم الفريق اول شمس الدين كباشي نائب القائد العام للجيش السوداني.